مقدمـة
خلق الله سبحانه بني آدم بعد أن هيأ لهم متطلبات الحياة كلها.قال تعالى(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (البقرة:29).
فخلق الله آدم من تراب ، واستخلفه في الأرض ، وقدر له فيها رزقه فخلق النبات وجعله مصدراً لغذائه وبعض متطلباته الأخرى ، كالطاقة الحرارية المتولدة عن حرق الأخشاب أو البترول والفحم ومشتقاتهما التي يعود أصلها إلى النبات .
.. وكصناعة الملابس من القُطن والكتان مباشرة أو من أصواف وأوبار وأشعار الحيوانات التي تتغذى على النبات .
.. وكالدواء إما مباشرة من بعض النباتات أو بما يستخلص منها من دواء أو مما ينتجه الحيوان الذي يتغذى على تلك النباتات كعسل النحل ... وكالمسكن ، فمن أعواد النباتات وقشها و قصبها صنع الإنسان ومازال يصنع مساكنه لتقيه الحر والبرد ومخاطر البيئة فيأمن ويطمئن ،بل إن كثيراً من البيوت في البلدان المتقدمة مادياً مصنوعة من الخشب من أجل مقاومة آثار الزلازل المتكررة التي لا ينفع معها العمران الحديث بحديده وخرسانته .كما أن الإنسان في البادية صنع خيامه من أصواف وأشعار الحيوانات التي تتغذى على النبات .ولولا أن سخر الله النبات لإنتاج غاز الأكسجين أثناء عملية البناء الضوئي لنفد الأكسجين في الجو وما بقي إنسان أو حيوان على قيد الحياة ، وبدون الأكسجين الذي يساعد على الاشتعال تظل مصادر الوقود كنـزاً لا فائدة منه .وطبقة الأوزون التي تحمي الأرض وسكانها من الإشعاعات الكونية الضارة ما هي إلا أكسجين ثلاثي الذرات مصدره مصانع النبات الخضراء .ولا يقتصر الأمر على تقديم ما هو نافع للحياة بل يتعداه إلى سَحب ما هو ضار بها ، فالنبات بإذن الله يسحب ثاني أكسيد الكربون فينقي الجو ، ويستفيد منه النبات في عملية البناء الضوئي التي تقوم بها الحياة على البسيطة ويطلق الأكسجين الضروري لحياة الإنسان والكائنات الأخرى. وإلى جانب هذا كله جعل الله تعالى النباتات بهجة للناظرين بأوراقها الخضراء الغضة المتنوعة الأشكال وأزهارها الزاهية الألوان المختلفة التصميم وروائحها الذكية وأغصانها المتهادية، كما جعل حدائقها ترويحاً للنفوس بعد أن أقام بها بنيان الأجساد. قال تعالىSad وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ)(النمل: 60) ومن تمام نعمة الله أن نشر النبات على سطح الأرض ونوعه وزوده بالقدرة على العيش في بيئات الأرض المختلفة متاعاً للناس ولأنعامهم في تلك البيئات وبهذا لا يعدم إنسان أو حيوان رزقه أينما كان. وجعلها سبحانه بالوفرة المناسبة كذلك في البحار والمحيطات التي تعج بالنباتات الدقيقة (المجهرية) غذاء لبلايين البلايين من الأسماك والأحياء البحرية التي تسد حاجات البشر الذين علم الله تعالى أنهم سيتكاثرون باطراد ويحتاجون إلى المزيد من الطعام .إن الذي خلق النباتات لسد حاجات الإنسان والحيوان يعلم مقدمات الأشياء والأحداث ونتائجها ويقدر كل شئ بدقة فلا ترى في خلقه إلا تناسقاً وانسجاماً وترابطاً وتكاملاً تشهد لكل عاقل أنها من صنع رب عليم ، حكيم ، رزاق ، خبير .وكما جعل الله الوجود الإنساني ممتداً عبر الزمان على الأرض بتعاقب الأجيال البشرية ، جعل وجود النبات ممتداً على الأرض كذلك بتعاقب أجيال النباتات ليتوفر بذلك على الدوام كل ما يحتاج إليه الإنسان من عالم النبات .فهيا إلى عالم النبات البهيج لنرى آيات ربنا الخالق البديع سبحانه .
النبات وغذاء الكائنات
إذا تأملت في غذائك في كل أطوارك ، وغذاء جميع الكائنات من حيوان ونبات في كل أطوارها وجدت أن أصل الغذاء للإنسان والحيوان هو النبات ، ومصنع الغذاء في النبات هو ذلك المصنع الأخضر "البلاستيدة الخضراء" الذي يوجد في أوراق النباتات ويُنتِج غذاء الكائنات كلها دون ضجيج أو مخلفات تفسد البيئة. قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(الأنعام:99) .
وبعد دراسة المصنع الأخضر مدة ثلاثة قرون أمَّل علماء الحياة ومهندسو القرن العشرين في أن يحاكوا عمل المصنع الأخضر في النبات لكنهم عجزوا عن ذلك لتميز الخلية النباتية ببنية دقيقة معقدة(1) ، ولما أودع الله فيها من قدرة على التجدد ولتعلق ذلك بسر الحياة الذي أودعه الله فيها وخفي على الباحثين !!
فتأمل أيها العاقل في توقف حياتك وحياة الكائنات جميعها على عمل هذا المصنع ونتاجه ، والذي لو توقف فلن ينجح علماء البشر بما لديهم من معامل وعلوم أن يصنعوا لأنفسهم ما يتغذون به فضلاً عن أن يصنعوه لغيرهم من الحيوانات والنباتات .
وإذا كان العلم البشري مع ما يملك من عبقريات ومصانع ومختبرات يقف عاجزاً فهل تفلح الصدف العشوائية الطبيعية في إنشاء وتنظيم وإدارة مصانع الرزق الوحيدة على وجه الأرض ؟!
أفلا يكفي ذلك كل عاقل ليعترف لربه الرزاق بنعمه ، ويشكره على ما حباه من أرزاق. وصدق الله القائل : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)(فاطر:3).
فأين تتجهون أيها المعاندون ؟ وبأي آيات الله تجحدون ؟
(2) (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ)(الملك:21)
وانظر إلى طعامك أيها الإنسان .كيف صنعته المصانع الخضراء.(3)
وكيف سحب منها ليتجمع في سنابل الحب ، وعناقيد الفاكهة ، ودرنات الجذور ، وحبات الثمار المختلفة الألوان والمذاق ؟
(فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ+أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً+ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً+فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً+وَعِنَباً وَقَضْباً+وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً+وَحَدَائِقَ غُلْباً+مَتَاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ)(عبس:29-32)
وتأمل كيف خُلِقَ لك جهازُ هضمٍ يحولها إلى المادة المطلوبة لغذاء خلايا جسمك !
وكيف امتصت تلك المواد الغذائية المفيدة من بين فرث الأمعاء !
وتأمل كيف حملها الدم إلى كل خلية في جسمك أفلا نشكر الرزاق ؟
أفلا نعبد الخلاق سبحانه ؟
آيات المنعم الحكيم سبحانه في بقاء النوع وتكاثـره
إن الذي قدّر للنبات دوره المهم في توفير الطعام للكائنات الحية وفي تنقية الهواء، وإمداد الإنسان بالملبس ، والوقود ، وإشاعة البهجة والسرور ، قد قدّر نظاماً محكماً بديعاً لضمان استمرار وجود النباتات لتؤدي وظيفتها على الأرض. ويتمثل هذا النظام في وسائل وطرائق التكاثر في النبات لتغطية النقص بسبب الاستهلاك الدائم لها وما قد تتعرض له من كوارث وسوء استعمال من قبل الإنسان. فجعل الباري سبحانه طرائق متعددة للتكاثر هي :
1) التكاثر الجنسي : خلق الله في النباتات أعضاء تذكير (المُتُك) تنتج حبوب اللقاح ، وأعضاء تأنيث (المبايض) تنتج البويضات ، لتنشأ الأجنة النباتية من التزاوج بين أعضاء التذكير والتأنيث قال تعالى : ( وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ)(الرعد:3-6) .
2) التكاثر الخضري (اللاجنسي) :
ويتم هذا النوع من التكاثر باستخـدام الأجـــزاء الخضريـة مـن النبات كالمدادات(4) والفسائل(5) والأبصال(6) والكورمات(7) والريزومات(Coolوالدرنات(9) وهذه الأجزاء أعطاها الله القـدرة علـى تكويـن جذور عرضية وبراعـم
عنـد توافـر الظـروف البيئية الملائمة فتتكـون منها نباتات جديدة .
3) التكاثر بتعاقب الأجيال :
بعض النباتات منحها الله القدرة على التكاثر الجنسي واللاجنسي(10) ويتم التكاثر بأي منهما حسب الظروف المحيطة فيحصل على مميزاتهما معاً في تحقيق سرعة التكاثر باللاجنسي ، والتنوع الوراثي بالجنسي بما يمكنه من الانتشار ومسايرة تقلبات البيئة مثل كزبرة البئر التي تتكاثر بالجراثيم ثم بالأمشاج .(11)وقد نوع الحكيم العليم طرائق التكاثر هذه لبقاء أنواع النباتات تحت الظروف البيئية المختلفة لتوفير ما يحتاج الإنسان إليه على الدوام .
آية نقل حبوب اللقاح
لما قضى الله أن يكون النبات ثابتاً في مكانه تكفل سبحانه بإيصال حبوب اللقاح من الزهرة المذكرة إلى الزهرة المؤنثة أو من عضو التذكير إلى عضو التأنيث في نفس الزهرة ثنائية الجنس(12) لإنجاز عملية الإخصاب ، وخلق لها سبحانه من الوسائل ما ييسر لها تزاوجها وجند لها مخلوقاته من إنسان وحيوان وريح وماء ، والكل يؤدي دوره كما قدر له ربه سبحانه .
أولاً : النقل بواسطة الرياح
سخر الله الرياح لحمل حبوب اللقاح من الأزهار المذكرة إلى الأزهار المؤنثة.وخلق سبحانه حبوب اللقاح بكميات كثيرة لضمان تلقيح الأزهار المطلوبة .ويسر العليم الحكيم نقل حبوب اللقاح فجعل حوامل الأزهار المذكرة متدلية بحيث يمكن لأخف نسيم أن يحركها فتتناثر حبوب اللقاح وتطير مع الهواء إلى الأعضاء الأنثوية التي جعلها الله ريشية مكشوفة أمام الهواء للإمساك بحبوب اللقاح. ولم يجعل الخالق جل وعلا لهذا النوع من الأزهار رحيقاً أو روائح كما للأزهار التي تعتمد على الحشرات والحيوانات في تلقيحها لعلمه سبحانه أن الرياح لا تحتاج إلى هذه المحفزات للقيام بمهمة التلقيح .
وجعل الله نباتات المحاصيل - التي يحتاج إليها الإنسان بكميات كبيرة – من النوع الذي يتلقح بالرياح لأنها الوسيلة التي يتحقق بها التلقيح على أوسع مدى .فمَنَ سخر الأزهار لانتاج حبوب اللقاح بكميات كبيرة لضمان تلقيح المياسم الناضجة من تلك الأزهار؟ ومَنَ جعل حوامل حبوب اللقاح متدلية تتأثر بأدنى حركة للرياح؟ وجعل المياسم الأنثوية ريشية مكشوفة للإمساك بحبوب اللقاح الطائرة ؟ ومن أوجد التناسق البديع بين الرياح وحبوب اللقاح والمياسم إلا العليم بما خلق ، الحكيم فيما أبدع ، القائل: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ)(الحجر:22) .
ثانياً : النقل بواسطة الحشرات :
وهناك أزهار أخرى لا تتلقح بالرياح لاختلاف تركيبهـا عـن تلك السابقـة(13) فجعل الله لها وسيلة أخـرى لتلقيحهـا وهي الحشرات ، وجعل سبحانه في هذه الأنواع من الأزهـار جـواذب للحشرات كالرحيق وحبوب اللقاح والألوان الجميلة، وجعل الهادي سبحانـه لبتلات الزهـور بقعا أو خطوطاً براقة تحدد المسار إلـى مخزن الرحيق .وسخـر الله للأزهـار التي مخـازن الرحيق فيهـا عميقة حشرات مُلقِّحة ذات خراطيم طويلة كالنحل والفراشات ، أمـا الأزهار التي مخازن الرحيق فيها قريبـة فقد سخر الله لها حشرات مُلقِّحة ذات خراطيم قصيرة كالذباب والخنافس .وهكذا تزور الأزهار المختلفة حشرات تتناسب معها .وأثناء زيارة الحشرة للزهـرة تلتصـق حبوب اللقاح على جسمها ، وعند زيارتها لزهرة أخرى من نفس النوع تنقل حبـوب اللقاح إلى عضو التأنيث فيها حيث تكـون أجزاء الزهرة مصممة بإحكام يتناسب مع
نوع الحشرات الحاملة لحبوب اللقاح .بل إن زهرة سحلبية النحل(14) جعل لها الباري عزوجل تركيباً يشبه أنثـى النحـل
وتنتج نفس رائحتها فيتوهم ذكـر النحـل أنها حشرة أنثى من نوعه ! وقد أبدع الله تصميم هذا النوع مـن الأزهـار بحيث إذا وقفت الحشرة الذكر عليها لامَسَ رأسُهـا أعضاء التذكير في الزهرة فيتعفر بحبوب اللقاح ويحمله إلى زهرة أخرى لتلقيحها. فانظر إلى آيات ربك التي تدلنا على حكمته سبحانه وعلمه ورحمته ، وسل نفسك مَنْ وزَّع هذه التخصصات في هذه المخلوقات الضعيفة ؟ ومَنْ حدد طرق مسارها وهداها إلى أداء وظيفتها فلا تضل الطريق ، ولا يدخل مَيْسَم زهرة لقاحُُ دخيلُُ غريب عن نوعها؟ مَنْ إلا الله .
* وتأمل الزهرة الفخ التي تقتنص الحشرة لا من أجل التغذي عليها بل من أجل تحميلها حبوب اللقاح إلى أعضاء التأنيث في زهرة أخرى من نفس النوع والتي تفعل بالحشرة الناقلة نفس الشئ من أجل تفريغ تلك الحمولة من حبوب اللقاح لتتم عملية التلقيح .
* وزهرة الأرسمية(15) تنتج رائحة اللحم المتعفن لتجذب بها الذباب ليدخل قاعة مغلقة ، ولا يمكن للذباب أن يهرب إلا عندما تفتح بوابة فوهة الزهرة ، وحينها تكون الذبابة قد كسيت باللقاح في أثناء صراعها من أجل الخروج ، وعندما تنتقل إلى زهرة أخرى من نفس النوع تجذبها نفس الرائحة وتحتضنها الزهرة لأخذ حبوب اللقاح التي علقت في جسمها من الزهرة المذكرة ، فإذا ما تم التلقيح أطلقت سراحها .
* أما السحلبية الأرجوانية(16) المبكرة فليس عندها قاعة للسجن المؤقت بل لها مئابر(17) محملة بلوالب تنغلق على النحلة الزائرة في عملية تصفيد مؤقت، وصراع النحلة للخلاص يفرغ كيس اللقاح فوق ظهرها ، ثم تطير إلى زهرة أخرى من النوع نفسه لتلقي المصير نفسه حتى تطلق اللقاح على ميسمها .فمن هدى الزهرة أن تنتج الرائحة التي تجذب الحشرة المناسبة لتلقيحها ، ومن أمر الحشرة أن تنجذب لتلك الرائحة المخصوصة ؟
من علَّم الزهرة المذكرة حبك فخها المناسب لتلك الحشرة ؟ وعلم الزهرة الأنثى أن تحبك نفس الفخ ؟ لنفس الحشرة ؟ ومن حفز الحشرة أن تسير إلى الفخ؟ مَنْ غيرُ الخالق الفعال لما يريد .
ومن أحكم تركيب تلك الزهور مع أجسام تلك الحشرات للتزاوج بين النباتات ؟ من غير العليم الخبير سبحانه القائلSadسُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) (يس:36) .وهل يقبل العقل السوي أن ينسب كل هذا الإحكام والتقدير والتدبير إلى الصدفة والعشوائية كما يزعم الكافرون ؟!
آية نقل البذور ونشرها
لم يحصر الباري سبحانه النباتات في أماكن محدودة ، بل يسر لها من الوسائل ما يؤدي إلى انتشارها وعدم انحصارها في مكان واحد من أجل توفير الرزق للناس والدواب في كل مكان على سطح الأرض .
1- فمن البذور ما ينقل بواسطة الحيوانات :
أ- فالطيور تجذبها الألوان الزاهية للثمار
الناضجـة(18) لتأكلهـا فتطـرح البـذور غير المهضومـة مع فضلاتهـا لتنبـت في أماكن أخرى .
ب- والخفافيش بما منحها الله سبحانه من أسنان وحاسة شم جيدة تمكنها من الاهتداء إلى ثمار المانجو فتمتص عصيرها ثم تلفظ بذورها الصلبة لتنمو في مكان آخر .
ج- وتجمع بعض الحيوانات الصغيرة(19) الثمار وتخزنها في مكان آخر فتنبت فيه فسبحان الذي سخر هذه الحيوانات لوضع هذه البذور في أماكن جديدة وهداها لوضعها في المكان المناسب لتنبت في الوقت المناسب .
د- وسخر الله النمل لنقل بذور نبات زهرة الربيع(20) إلى مخابئه تحت الأرض،وجعل على هذه البذورمادة غذائية يستفيد منها النمل كمكافأة له تاركاً البذرة لتنبت في مكان آمن.فَمْنَ سَخّر تلك النملة لنقل هذه البذور وحمايتها من الحيوانات والطيور لتضعها تحت سطح التربة ، ومَنْ جعل على تلك البذور ما يُغري النملة لحملها والاستفادة من المادة المغذية الملتصقة بها؟
إنه الله الرزاق الحافظ سبحانه .
هـ- وجعل الله لبعض البذور أشواكاً مدببة أو مواد صمغية تمكنها من التعلق بأجسام الحيوانات وملابس العمال لتنقل إلى أماكن أخرى .
2- ومنها ما ينقل بطرق أخرى :
أ- فمن البذور ما جعل الله لها تراكيب تشبـه الأجنحـة أو المظلات أو الرِّيْش أو مروحـة الطائرات أو زوائد شعرية رقيقة مع خفة وزن تمكنها من الانتقال مع تيارات ونسمات الهواء .
ب- ومنهـا ما ينقل بواسطـة ميـاه السيـول والأنهار إلى مسافات طويلة .
ج- وتنتقل بذور بعض النباتات بانفجار ثمارهـا فتندفع إلى مسافات بعيدة عن الشجرة الأم .(21)فسبحان العليم الحليم الرزاق الخبير الحافظ الذي خلق للنبات وسائط نقل تحمل بذوره فيذرأها في بقاع الأرض ، وإلا لظل كل نبات في موقع ضيق يتنافس عليه الآباء والأبناء .
آية نمو النبات بميزان وتقدير
ومن آيات الله في النبات ما نشاهده في نمو النباتات بميزان دقيق ، وتقدير حكيم ، قدره الله في بذور أو أصول تلك النباتات ، فلا تحيد عنه ، فينمو كل جزء في النبات وفق ذلك التقدير الخاص به. فلكل نوع من النبات : جذر، وساق ، وأوراق ، وأزهار ، وثمار تميز ذلك النوع عن سائر الأنواع الأخرى في شكله وصورته ، وحجمه ، ومادته وتركيبه، ولونه وطعمه ورائحته ، وفي علاقة أجزاء النبات ببعضها. ولولا ذلك التقدير الدقيق الذي تخضع له النباتات في نموها لاختل النمو في أعضاء وأجزاء تلك النباتات ، وربما طغى نوع على سائر الأنواع كما يجر ذلك إلى اختلال الموازين التي تضبط علاقة النباتات بالتربة ، والماء ، والهواء والحيوان والإنسان .إن ذلك التقدير والميزان ، يبدأ بتقدير ما يمتص من الماء ، والهواء ، والأملاح ، فلا يدخل عنصر إلى كل نوع من النبات إلا بالقدر المحدد الدقيق المناسب لذلك النوع وتعمل الموازين عملها للتحكم فيما يصنعه كل نوع من أنواع النبات وينتجه من تلك المواد التي امتصها . ثم يتجلى التقدير المحكم ، والميزان الدقيق فيما يأخذه ذلك النوع من النبات من المواد التي أنتجها ليصنع منها خلاياه وأنسجته وأعضاءه الخاصة به ، فبذرة الفول تنبت نبات الفول ، ونبات الفول ينتج حبوب الفول ، وحبة القمح تنتج زرع القمح ، وزرع القمح ينتج حب القمح ، ولا يقع خطأ في ذلك ، وهكذا سائر أنواع النباتات مع أن الكل يسقى بماء واحد وينبت في أرض واحدة. فمن هدى كل نبات لمقادير ما يأخذه من الأرض ، وموازين لصناعة ما يحتاج إليه من المواد ، والطريقة الحكيمة لتركيب خلاياه واجزائه بأشكالها وأحجامها ، وألوانها ، ومقاديرها الخاصة بذلك النوع من النبات؟ من إلا الذي قال في كتابه(وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)(الرعد:4) والقائل Sad وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ)(الحجر:19) .وتأمل في ذلك التوازن المحكم بين طول ساق النبات وما يتفرع منه من أغصان وبين عمق الجذر وما يتفرع منه من جذور بما يحقق ثبات النبات وصموده أمام العوامل المهددة لثباته كالرياح والأمطار والحيوانات . وتأمل في توزيع وتبادل الأغصان على سوق النباتات وتوزيع الأوراق وتبادلها على تلك الأغصان ، بما يحقق التوازن في جسم النبات ، ويضمن تعريض المصانع الخضراء في الأوراق لضوء الشمس الضروري لتلك المصانع .فمن الذي هدى كل غصن وورقة إلى موقعها الصحيح ، واتجاهها الصحيح ، فإذا خرج غصن من جهة على الساق لا يخرج غصن تال من نفس الجهة ، وإذا خرجت ورقة من الساق أو الغصن من جهة ، فإن الورقة التالية تخرج من جهة أخرى مقابلة ولا تخرج من الجهة التي خرجت منها أختها التي قبلها ، فسبحان (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى+وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) ( الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)
وانظر إلى آثار اللطيف الرحيم الخبير الذي سهل على الإنسان جمع الغلال والثمار من هذه النباتات :
فجعل الحبات الصغيرة في سنابل أو قرون تجمع فيها الحبوب ، وجعل حبات الثمار الصغيرة مجموعة في عناقيد ، ولو توزعت تلك الحبوب في جسم النبات لشق على الإنسان جمعها .وانظر كيـف جعـل الخالـق الأشجار التي أعدهـا لأخـذ الأخشاب طويلـة سامقة قـد تصل إلـى ارتفاع مئة مـتر، بينما جعل نبـاتات المراعـي ذات أعشاب قصيرة متشابكة تصلح طعاماً للأنعام والحيوان، وجعل بعض النباتات صغيراً جداً كالطحالب في البحار والمحيطات لتصلح غذاءً لكائنات مجهرية تغذي الأسماك الصغيرة لتصبح بدورها غذاء لأسماك أكبر منها .
آية الإبداع والإحكام
تتجلى آية الإبداع والإحكام في جميع المخلوقات ومنها النباتات ، فإذا تفكرنا في عالم النبات وجدنا أن كل جزء منها قد ركب تركيباً محكماً يتناسب مع الوظيفة التي يؤديها ، وقدَّر الله ذلك في نواة الخلية التي ينمو منها النبات، فالجذر وشكله ونوعه وعدد شعيراته وعمقه في التربة وتفريعاته وتناسبه مع بيئته ، والساق وشكله وكل فرع عليه وعدد فروعه وترتيبها على السيقان ، والغصن وعدد أوراقه وموضعها وحجمها وشكلها وتركيبها ، والزهرة وموقعها وشكلها ونوعها ولونها ورائحتها وترتيب محيطاتها ، والثمرة وحجمها ولونها وطعمها ورائحتها ومحتواها من الغذاء ،كل ذلك أبدعه الخالق البديع وقدره ووضع الأوامر لصنعه في أجزاء دقيقةمن الخلية النباتية تسمى حاملة الوراثة (الكروموسومات) وهي لا تزال في داخل البذرة الصغيرة .
الإبداع والإحكام في الجذور
وظيفة الجذور تثبيت النبات في التربة التحتية وامتصاص الماء ومواد التغذية الأخرى بالقدر الذي يحتاج إليه النبات ، وتبعاً لذلك فقد جعلها الخالق البديع سبحانه أنواعاً متعددة .
أولاً : الجذور الوتدية والتي قدر الخالق أشكالها المناسبة لتحقيق وظائفها ، فمنها الوتدي الأسطواني الذي يكون طويلاً متفرعاً يتكون من جذر أصلي ومجموعة من الجذور الثانوية المتفرعة بدورها إلى جذور ثلاثة كما في جذور القطن وكثير من النباتات العشبية كالبرسيم وكثير من الأشجار كالصنوبر . وقد يختزن الجذر الوتدي الغذاء ويتضخم ، ويسمى جذراً وتدياً درنياً ، وقد يكون الجذر الوتدي الدرني مغزلياً كالفجل أو مخروطياً كالجزر أو متكوراً كاللفت .وهذا التنوع في شكل الجذر يتلاءم مع المخزون الغذائي ونوعه ، ومع طبيعة النبات وطبيعة الأرض التي ينمو عليها .
ثانياً : الجذور العرضية وتتكون على السيقان الأرضية في الأبصال والدرنات والكورمات والرَيزُومات والعٌقَلْ.(22)
وقد تخرج هذه الجذور من العقد الأرضية لكثير من النباتات التي لها سوق قائمة كالقمح ، أو قد تخرج من العقد التي توجد فوق سطح التربة مباشرة مثل الذرة ، وهي أنواع فمنها : الليفي(23) الذي يحل محل الجذر الأصلي ، ومنها الدعامي(24) الذي يعمل كدعامات للنبات ، ومنها الدرني(25) الذي يختزن الغذاء ، ومنها الشاد(26) الذي يجذب الأبصال إلى أعماق التربة ، ومنها الهوائي(27) الذي يمتد في الهواء حتى يصل إلى سطح الأرض لتثبيت النبات وزيادة امتصاص الماء والأملاح ، ومنها الجذور المتسلقة(28) التي تخرج من السيقان لتثبيت النبات على الدعامات التي يتسلق عليها النبات ، ومنها الجذور التنفسية(29) لتوفـير الهـواء للنباتات المغمورة بالتربة المشبعة بالماء ومنها الجذور الطفيلية(30) التي تتطفل على النباتات الأخرى.(31)
الإبداع والإحكام في السيقان
· وأبدع الخلاق العليم السيقان ونوّعها في أحجامها وأشكالها وتركيبها الداخلي وطريقة نموها في الأنواع النباتية المختلفة ، فقد يتراوح طولها من بضعة سنتيمترات كما في الأعشاب إلى عشرات الأمتار كما في الأشجار الضخمة ، كما جعلها البديع سبحانه تختلف في سمكها من بضعة ملليمترات إلى بضعة أمتار ، ومن حيث الصلابة والليونة فجعلها في الأشجار الكبيرة والصغيرة صلبة وجعلها في الحشائش والأعشاب الصغيرة غضة رقيقة يسهل قضمها وأكلها. ونوّع البديع سبحانه طريقة نموها فمنها ما ينمو رأسياً إلى أعلى مثل سيقان معظم النباتات ، ومنها ما ينمو زاحفاً على سطح الأرض مثل القرع والخيار والبطيخ أو متسلقاً مثل ساق العنب أو ملتفاً حول دعامات مثل اللوبيا والعُلِّيق .
· ولكي تتلاءم النباتات مع البيئات التي تنمو فيها خلق الباري سبحانه سيقان النباتات على نحو يظهر فيه الإبداع والإحكام في الصنع فمن السيقان ما يكون ورقياً مفلطحاً يقوم بعملية البناء الضوئي مثل كشك الماز – السفندر.
· ومنها العصيرية المتشحمة التي تختزن فـي أنسجتها الماء والغـذاء وتقوم بوظيفة البناء الضوئي أيضـاً ومن أمثلتها نبات التـين الشوكـي ، ومنها السيقان الشوكية والتي أبدعها البديع من أجل حمايـة النباتات مـن الحيوانات ، ومن أجل اختزال سطحها الناتح ليقلل من خروج الماء كما فـي نبات السلة الصحراوي ونبات العاقول(32) إلى غير ذلك من الإبداعات المتنوعة والمناسبة لنوع النبات وبيئته التي يعيش فيها. وإذا نظرنا داخل هذه السيقان فسنجد الإبداع يتمثل في شبكة النقل المتخصصة المتمثلة في تلك الأوعية التي تنقل المياه والأملاح المعدنية من التربة وتوصلها إلى كل جزء في النبات بموازين دقيقة ومقادير مضبوطة خاصة بكل نبات .وإلى جانبها شبكة أخرى متخصصة في نقل المواد الغذائية المصنعة في المصانع الخضراء لتصل عبرها إلى كل خلية في النبات. ومع صغر هذه الأنيببات الناقلة وتقاربها فلا يحدث تداخل بينها مع أنهـا مـن أعقـد شبكات النقل ، فسبحـان الحكيـم العليم الرزاق البديع .
الإبداع والإحكام في الأوراق :-
ولأن النبات ثابت في مكانه لا يتحرك بحثاً عن الغذاء فإن الخالق البديع جعل له أوراقاً وأحكم خلقها وجعلها منبسطة رقيقة خضراء تحتوي على ملايين المصانع الخضراء التي تقوم بعملية البناء الضوئي وتكوين المواد الغذائية. وقد أبدع الله خلقها وتصويرها وترتيبها على السيقان والأغصان لتقوم بهذا الدور المهم فأخرج الله في بعض النباتات ورقةً واحدةً من كل عقدة وجعلها تتبادل المواضع فيما بينها على محيط الساق حتى لا يقع ظل واحدةٍ على الأخرى ، فتستقبل ضوء الشمس وتحوله من طاقة ضوئية إلى طاقة كيميائية غذائية يستفيد منها الإنسان والحيوان والنبات ويسمى التوزيع في هذه الحالة توزيعاً متبادلاً .
أو تكون ورقتان متقابلتان من كل عقدة فيسمى التوزيع متقابلاً كما في الياسمين، وتكون أزواج الأوراق غالباً في مستويات متعامدة بحيث إذا اتجهت الورقتان المتقابلتان في احدى العقد شرقاً وغرباً اتجهت الورقتان اللتان تليانهما من أعلى ومن أسفل ناحية الشمال والجنوب فيقال للأوراق في هذه الحالة متقابلة متعامدة. فَمَنْ غير الخلاق البديع الذي أبدع هذا التوزيع للأوراق على هذا النحو ، وهدى كل ورقة إلى موقعها بحيث لا تحجب ورقة أختها عن ضوء الشمس ؟
وإلى جانب هذا التنوع والترتيب أبدع الخلاق سبحانه تنوعاً في أشكال الأوراق.(33) ونجد الإبداع في التعرق الموجود في الأوراق فمنه التعرق المتوازي كما في نباتات ذوات الفلقة الواحدة(34) ومنه الشبكي كما في أوراق نباتات ذوات الفلقتين.(35)وهكذا نجد أن كل ورقة قد أبدعها الخالق على غير مثال سابق ، فكل ورقة تختلف عن غيرها من أوراق الأشجار الأخرى في شكلها وحجمها ونوعها وتعرقها.ومع أن الوظيفة الرئيسة للأوراق هي التمثيل الضوئي وتكوين الغذاء ، لكن البديع سبحانه خلق أوراق بعض النباتات أو أجزاء منها لتؤدي وظائف أخرى منها :
1- اختزان الماء والغذاء كما في الأبصال .
2- الحماية كما في نبات الصبار .
3- تقليل النتح كما في نبات السنط(36) .
4- التسلق مثل نبات حمام البرج وبسلة الزهور.
5- اصطياد الحشرات كمـا فـي نبات خنَاق الذباب .
الإبداع والإحكام في الزهور :
والزهرة التي تمثل المحور الذي يحمل أعضـاء التكاثر في النباتات الزهريـة أبدعهـا الحكيـم سبحانه في أدق تصميم وأروع جمال ، تترتـب فيـها المحيطات الزهرية في تناسق بديع. ولكل محيـط زهري وظيفته الخاصة فالكأس وظيفتـه
حمايـة باقـي المحيطـات الزهريـة عند بـدء تكوينها . كما نوع الخالق البديع أشكال الكـأس فمنها الأنبوبـي كمـا فـي القـرنفـل ومنهـا الكأسـي المهمـازي كما فـي العائـق ، ومنها الشفـوي كما فـي الفصيلة الشفويـة. ومنهـا الجرابي كما فـي الفصيله المتعامـدة(37) ومنهـا الخوذي كما في زهرة بُرنُس الراهب وغـير ذلك من الأشكال
وهذا التنوع يتخذ أساساً للتفريـق بين فصائل النبات وأجناسه. والمحيط الثاني فـي تركيب الزهرة هو التويج الذي يتكون من عدد من البتلات الملونة عـادة ، وجعل البديـع الوظيفـة الأساسية له جذب الحشرات لإتمام عملية التلقيح، كما أنه يحمـي الأعضـاء الداخليـة الأساسيـة من المؤثرات الخارجية . وجعل الله أجزاء الزهرة متناسقة ومتناسبة فيما بينها بحيث تؤدي وظيفتها على أكمل وجه أراده الخالق. فانظر إلى هذا الإبداع وهذا التنوع وهذا الإحكام ستجده يشهد لك ولكل عاقل أنه من صنع الخالق العليم الحكيم والمصور البديع سبحانه .
الإبداع والإحكام في الثمار :
وانظر إلى الثمار كيف نوعها الخالق في أحجامها وأشكالها وألوانها وروائحها ومذاقها وهي في بقعة واحدة وتسقى بماء واحد. قال تعالى (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (الرعد:4) كما أنه سبحانه جعلها وسيلة للتمييز بين الأنواع والأجناس والفصائل فمن الثمار البسيط والمجتمع والمركب ، وتحت كل قسم من هذه الأقسام أنواع مختلفة ، وكل هذا التنوع من أجلك أيها الإنسان لتنعم به ولتتفكر في بديع صنع الله فتشكره وتعبده .